الثلاثاء، 26 يوليو 2011

تاريخ الاحتجاج في الفكر الإسلامي..عرض كتاب


قراءة في كتاب "المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي"
الكتاب هو في الأصل رسالة دكتوراة أعدتها نيفين عبد الخالق مصطفى للحصول على الدرجة العلمية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة..

الثورة وفخ الديماجوجية..لننتبه حتى لا نسقط

ديماجوجية (تعرب غالبا:سياسة تملق الجماهير) تشير إلى مجمل الأساليب التي قد ينتهجها السياسي بغرض فرض سيطرته على الناس من خلال الخطاب الوجداني ذي الظاهر النضالي الأخلاقي الذي يمكنه من استغلال المشاعر الجمعية و توظيفها بهدف خلق زعامته.تعد الديماجوجية أحد أكبر المخاطر على الديموقراطية حيث تعمل كحصان طروادة بداخلها باستغلال آلياتها في تحقيق أهداف تبتعد تماما عن المقاصد الأصلية للديموقراطية، فبينما تهدف الديموقراطية لتمكين الشعب من إدارة شئونه من خلال ممثليه، تهدف الديماجوجية لخلق الزعامة التي تسلب ليس فقط حق الجماهير في الحكم، بل تسلبهم وعيهم ، وتجعل منهم مجرد أتباع فلان أوعلان.تكره الديماجوجية البرهان لأنه يحرض على الحذر، وتعادي الفكر النقدي القائم على الشك المنهجي، و تروج في مقابل ذلك للدوجما (المقولات المطلقة الجاهزة التي تؤخذ كحقائق لا تقبل النقاش).

آليات الديماجوجية

استخدام الخطاب البلاغي بديلا عن البرهان الموضوعي.

استخدام نبرة الحماسة بديلا عن الحوار الهاديء.

التأكيد على الغضب بدلا من الحلم

التأكيد على الثأر بدلا من العدل

التأكيد على التعصب بدلا من التسامح.

التأكيد على الصور النمطية بدلا من تأسيس رؤية موضوعية

التلاعب بأحلام الجماهير بدلا من تبصيرهم بالحقائق

مظاهر الديماجوجية بعد ثورة 25 يناير

توجد الكثير من مظاهر السلوك الديماجوجي من كثير من التيارات السياسية في الساحة، وقد أخذ على بعض أطراف ضمن التيار الإسلامي استخدام أسلوب ديماجوجي إبان استفتاء مارس الماضي من خلال إقحام فتاوى التحريم وكلمة الكفر والإيمان، و التخويف غير المبرر من إلغاء المادة الثانية ،و ذلك بالتأكيد أحد أشكال الديماجوجية التي نستنكرها، لكن المؤسف أن القوى السياسية التي ما فتئت تتهم الإسلاميين بالديماجوجية تمارس الآن أسوأ سلوكياتها، إذ تتلاعب بمشاعر الجماهير من خلال أطروحات لا تصمد أمام الأسئلة الموضوعية، كفكرة نزع الشرعية عن المجلس العسكري و استبداله بمجلس مدني (برغم اتفاقنا مع ضرورة نقد العديد من قراراته التي اتخذها، ومطالبته بالعديد من القرارات الأخرى التي لم يتخذها) إلا أن المطالبة بمجلس رئاسي مدني لا تصمد أمام التساؤل حول كيفية تشكيله، ولا حول مدى قدرة أعضائه على التوافق فيما بينهم في القرارات حول عدد من القضايا الشائكة، كذلك فإن طرح استمرار الاعتصام والتصعيد حتى إقرار حد أدنى للأجور و حد أقصى لها لا يصمد أمام التساؤل حول التناقض بين ما يسببه استمرار الأوضاع غير الطبيعية في البلاد وبين ضرورة استئناف دوران العجلة الاقتصادية بشكل طبيعي بما يسمح بتوفر الأموال اللازمة لتنفيذ الشق الأول من هذا المطلب، كذلك لا يصمد أمام التساؤل حول أثر رفع الأجور المفاجيء على التضخم بما قد يسبب تآكل القدرة الشرائية للنقود مما يبدد أي منفعة ترجى من زيادة الأجر أو التساؤل حول الكيفية التي يمكن بها تدبير موارد للخزينة لتطبيق القرار في القطاع الحكومي/العام، و أثر التمويل بالعجز على الاقتصاد القومي، ولا التساؤل حول أثر إجبار القطاع الخاص على تطبيق هذا الحد الآن و فورا في ظل الظرف الاقتصادي الصعب و احتمال أن يؤدي ذلك لتوقف العديد من المصانع و إمكانية خروج الاستثمار الأجنبي من البلاد مع وضع الفرصة البديلة أمامه في الاستثمار في دول أخرى في الاعتبار خاصة أن انخفاض الأجر في مصر يعد أهم عنصر جذب للاستثمار في ظل تداعي البنية التحتية، و تعقيدات البيروقراطية و فسادها، و انخفاض انتاجية العامل المصري وهي حقائق لا يذكرها الديماجوجي لأنه حدد وظيفته بالعبث بأحلام الجماهير لا تبصيرهم بالحقائق المؤلمة وكيفية مواجهتها ، لذلك فهو يخاطب المشاعر السلبية للحقد الطبقي عند تعميم مطلب من نوع وضع حد أقصى للأجور، وهو قد يكون مطلبا ضروريا في أغلب أجهزة القطاع الحكومي الإداري حيث لا يوجد مبرر غالبا لأجور خيالية تمنح عادة لوظائف غير ضرورية لاعتبارات المحسوبية، أما في القطاع الصناعي فإن تصميم نماذج أجور أكثر تعقيدا لربط الأجر بالخبرة، وندرة التخصص قد يكون ضروريا لمنع هجرة الكفاءات النادرة ، ولأن الديماجوجي لا يهتم بالمنطق كثيرا فهو يطرح مطالب من نوع “نريد محاكمات عاجلة و عادلة” دون الالتفات للتناقض بين العدالة التي تفترض أن يكون للقاضي حرية تقدير الوقت الكافي له لدراسة القضية و ما يستجد من مذكرات مقدمة من أطرافها، أو أدلة جديدة قد تظهر أثناء تداولها، و أيضا الوقت الكافي لكل من الادعاء والدفاع لتقديم كل الأدلة والدفوع الممكنة مما يجعل اشتراط العجلة غير ذي محل في أي محاكمة نريدها عادلة حقا، ودون الانتباه إلى أن شرط العدالة لا يتوافق مع الخطاب الذي يلعب بمشاعر الرغبة في الثأر عند الجماهير بحيث يكون الحكم الوحيد المقبول هو الإدانة مع توقيع أقصى العقوبة المقررة حتى فإن مطلب تطهير الداخلية بالطريقة التي يفهمه البعض باعتباره إقصاء لكل متهم بقتل الثوار، و كل من توجه بسباب لمواطن أو شارك في تفريق مظاهرة أو فض اعتصام برغم مظهره الأخلاقي ،فهو يتعارض مع اعتبارات الضرورة العملية في عدم إدارة ملف هذه القضية و كأن هناك صراعا بين الشعب و الشرطة يدار كمباراة صفرية (حيث كل مكسب لطرف هزيمة للطرف الآخر)، وكذا مع قاعدة كون المتهم بريء حتى تثبت إدانته، و قاعدة عدم الأخذ بالشبهات، و قاعدة تغليب المصلحة الراجحة على المفسدة الأقل رجوحا و غيرها من القواعد القانونية و الفقهية المستقرة، لكن أكثر رافعي هذه المطالب لا يهتمون بالإجابة عن أية أسئلة ، بل يكتفون بشعارات حماسية حول دماء الشهداء و حقوق الفقراء، وهي أمور لا خلاف عليها كخطوط عريضة لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، ثم يلقون باتهامات لمن يحاول طرح هذه الأسئلة عليهم بخيانة دم الشهداء، و عقد صفات مع المجلس العسكري، وفلول النظام البائد، ونحو ذلك من اتهامات تهدف لشغل الخصم بالدفاع عن نفسه بدلا من توضيح موقفه و كذلك محاولة نزع الاحترام العام عنه في مناخ تختلط في الأكاذيب بالحقائق والمعلومات بالشائعات. إن مواجهة الديماجوجية لا تكون من خلال ديماجوجية مضادة لكن بالإصرار على توضيح تهافت منطلقاتها من الناحية العقلية، و السعي بكل السبل لنزع رداء الأخلاقية الزائفة عنها والكشف عن حقيقتها باعتبارها آلية لاستلاب الوعي بهدف تحقيق المصالح الشخصية لبعض السياسيين.

أحمد عدلي أحمد

عضو بحزب الوسط

الأربعاء، 13 يوليو 2011

السلفية التي نعرف ونحب


الشيخ الغزالي يتحدث عن اصرار البعض على طرح خلافات عقائدية قديمة وإخراجها من الكتب الصفراء ليجعل منها قضايا تشغل الأمة عن أولوياتها

الأحد، 10 يوليو 2011

المنهج الإسلامي بين الثورة الجذرية و الثورة الإصلاحية


الثورة الجذرية هي تلك الثورة التي تهدف لقطيعة شاملة مع الماضي بأشخاصه وسياساته، وبتغيير حاد و فوري في مجمل البنية السياسية والاقتصادية/ الاجتماعية للبلاد.. ترتبط الثورة الجذرية بتطبيق اجراءات سريعة لاستبعاد رموز النظام القديم ليس فقط بالعزل، بل أيضا بالسجن، والنفي و ربما الاعدام أو حتى الاغتيال السياسي، إذ يظل حاضرا بشكل دائم هاجس الثورة المضادة ، و في سبيل منعها يتم التنازل عن الكثير من اعتبارات تحقيق العدالة الطبيعية لصالح ما يسمى بالعدالة الثورية من خلال محاكمات استثنائية ، وربما من غير أي محاكمة.. النموذج الكلاسيكي لهذا النوع من الثورات يتمثل في الثورة الفرنسية والثورة البلشفية في روسيا، أما في تاريخ مصر الحديث فتمثل حركة يوليو 1952 نموذجا للتغير الجذري (سواء أسميناها ثورة ، أو حركة ، أو انقلاب) و إن كانت بالطبع أقل دموية بكثير من النموذجين المذكورين سابقا، أما الثورة الإصلاحية، فهي التي تحاول الوصول لأهداف ثورية من خلال خطة اصلاحية تحاول تطوير البنية القائمة تدريجيا بدلا من هدمها تماما، ويتم فيها استبعاد عدد محدود نسبيا من الأفراد الثابت إجرامهم ، وغير القابلين للإصلاح، بينما تجري محاولة إعادة تأهيل العديد من المنتسبين للنظام البائد بحيث يمكن دمجهم في النظام الجديد، وتنطلق هذه الرؤية من أن الهدم الشامل للنظم السياسية و البنى الاقتصادي/الاجتماعية القائمة عندما يكون سريعا جدا، فإنه يستحيل عمليا تأسيس بناء جديد مستقر و كفء بنفس السرعة ، لذا فهناك دائما في تلك الحالة مرحلة اضطراب عنيف، و فوضى ذات تأثير سلبي عميق على المجتمع إلا إذا كان النظام الجديد قمعيا جدا بشكل يحجم مثل هذه التأثيرات (كما كان الحال في روسيا الشيوعية و إلى حد ما مصر عبد الناصر) و هو شيء غير محبب طبعا.. النموذج الكلاسيكي لهذا النوع من الثورة الإصلاحية تمثل في جنوب إفريقيا حيث تم القضاء على النظام العنصري بشكل تجنب العنف الجذري، و اتبعت سياسة تهدف لإعادة إدماج البيض في النظام الجديد، كذا فإن التحول الديموقراطي في أمريكا اللاتينية تم في أغلب دولها بهذه الطريقة، أما في مصر فإن ثورة 1919 تظل نموذجا جيدا لفكرة الثورة ذات النزعة الإصلاحية، فبدلا أن يتم القضاء على الملكية تم الاكتفاء بتحويلها من ملكية مطلقة لملكية دستورية،و تم القبول بالتعامل مع الاستقلال المشروط الذي منحه الانجليز لمصر مع استمرار النضال للمطالبة بالاستقلال التام و لم تتم أي اجراءات تطهيرية تذكر.. يعيب أنصار الثورة الجذرية على هذه الطريقة أن التغيير التدريجي بطيء و قابل دائما لإمكانية العودة للخلف، و الالتفاف عليه، وربما يكون هذا صحيحا إلى حد ما لكن بالتأكيد فإن الآثار المؤلمة التي تصاحب التغيير الجذري يتم تجنبها إلى حد كبير، تحاول السطور التالية أن تقدم اجتهادا حول أي الأسلوبين هو المقبول أكثر في الرؤية الاسلامية، و تسعى السطور القادمة لإثبات
أن الرؤية الإسلامية التي يمكن أن نصل إليها من خلال قراءة النصوص الإسلامية ، و السيرة النبوية تنسجم أكثر مع فكرة الثورة الإصلاحية، فعندما هاجر الرسول (صلى الله عليه وسلم) للمدينة كانت القبلية هي الرابط الوحيد الذي يربط جماعات متنافرة متصارعة تعيش داخلها ، و في ضواحيها بغير أن يتشكل منها مجتمعا حقيقيا يمكن أن يطلق عليه شعب المدينة بين أفراده ما بين أبناء شعب واحد من الاتزام بواجبات محددة في مقابل حقوق واضحة. المنهج الجذري لمعالجة هذا الموقف يتمثل في إعلان إلغاء القبيلة لمصلحة الانتماء للأمة أو للوطن المديني ، لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) اتبع سياسة أخرى حافظ فيها على القبلية القائمة محاولا الاستفادة من أفضل مميزاتها، ثم أعقبها ببنود أخرى تحاول تأسيس علاقات و التزامات فوق قبلية بين المسلمين وبعضهم البعض، وعلاقات و التزامات أخرى بين المسلمين و يهود المدينة، و تهدف هذه البنود لمعالجة عيوب القبلية من ناحية، و لتأسيس وطن بالمعنى الحقيقي للكلمة من ناحية أخرى، وبذلك نجحت الوثيقة في الوصول للهدف الثوري (تأسيس الأمة والوطن) من غير أن تدخل في قطيعة أو تحاول تدمير قيمة راسخة في المجتمع كالقبلية، و تبدأ صحيفة المدينة بذكر كل مجموعة قبلية ممن يعيشون في المدينة مؤكدة على وحدتهم و الاعتراف بهم كجماعة قبلية مميزة ، مع التأكيد على الالتزامات التي عليهم فيما بينهم بموجب هذه العلاقة القبلية:
"المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى،كل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين،وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهمالأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين،وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين،وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النُبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين".. هكذا تمت الاستفادة من العلاقة القبلية في تأكيد التكافل بين أولي الأرحام.

ثم تنتقل الصحيفة إلى وضع العلاقات فوق القبلية بين جماعة المسلمين تأسيسا لمفهوم الأمة:
"وإن المؤمنين لا يتركون مفرحاً (معسرا) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل (دية)....وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة (كبيرة) ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وإن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم.... وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم. وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وإن سلم المؤمنين واحدة،لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم...وإن المؤمنين يـبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله.وإنه من اعتبط مؤمناً قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول. وإن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه."

و تصل الصحيفة إلى وضع العلاقات بين جماعة المسلمين و بين مواطنيهم اليهود تأسيسا لمفهوم الدولة:
"وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين.لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم....وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف،وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف ،وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بن عوف ،وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف،وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه.وإن النصر للمظلوم.وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة.وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم."
و هكذا استطاع النبي (صلى الله عليه و سلم) من خلال هذه الصحيفة أن يصل لحل توفيقي بين قيم القبيلة الراسخة، وبين قيم الأمة ، و بينهما و بين قيم الدولة من خلال تصور استيعابي يجمع ولا يفرق.. هذا المنطق اتبعته الشريعة الإسلامية في كثير من مفاصلها، انطلاقا من احترامها للعرف الذي جاء في النص القرآني (خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين)، ويمكن أن نلاحظ ذلك في تعامل الإسلام مع قضية الرق، فنظرا لرسوخ هذا النظام في الاقتصاد العالمي وقتها، والحاجة في تجريمه لتعاون اتفاق دولي كان مستحيلا وقتها سعت الشريعة للتخلص التدريجي منه من خلال تقليل أسباب الاسترقاق و الندب إلى الاعتاق وهو ما فصله الكثير من علماء الشريعة تفصيلا يطلب في مظآنه، كذا نلاحظ الميل إلى الأسلوب الإصلاحي في انتهاج أسلوب الاستيعاب وإعادة التأهيل بدلا من مفاهيم الإستبعاد ، و الإقصاء كما نجد مثاله في الحديث النبوي (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)، و في مصطلحات كالتوبة ، وتأليف القلوب ، وغيرها.

أحمد عدلي أحمد
عضو بحزب الوسط

الأربعاء، 6 يوليو 2011

ننزل لرفض الظلم و المطالبة بالعدالة لكافة المصريين

من منطلق حرص حزب الوسط على مواصلة الثورة لمسيرتها وصولا لتحقيق أهدافها لخير المصريين ، و تأييدا للمطالب العادلة التي هي محل إجماع كل القوى السياسية الفاعلة المتعلقة بضرورة المحاسبة العادلة للمسئولين عن قتل شهداء الثورة، و نهب أموال الشعب ، و إقامة حياة ديموقراطية تعتمد مبدأي الشفافية و سيادة القانون، و تحترم حقوق المواطن وكرامة الإنسان، فإن أعضاء حزب الوسط بالاسكندرية يشاركون جموع المصريين الشرفاء قلقهم بسبب التباطؤ في محاكمة المسئولين عن دماء الشهداء، و الطريقة التي يدار بها ملف الفاسدين من كبار المسئولين السابقين، و عدم الشفافية في ملف صحة الرئيس المخلوع و نقله من مستشفى شرم الشيخ، و عدم إدارة حوار حقيقي مع مختلف القوى السياسية الفاعلة عند إصدار القوانين الهامة، لذا فإن حزب الوسط بالإسكندرية يدعو للمشاركة في مظاهرات يوم الجمعة القادم 8 يوليو من أجل التأكيد و إعلان الإصرار على تلك المطالب التي هي محل اتفاق مختلف القوى السياسية، ونؤكد في نفس الوقت على ضرورة ألا يتخذ البعض من هذه المظاهرات فرصة لرفع شعارات غير متوافق عليها بين مختلف القوى السياسية مثل تأجيل الانتخابات أو الدعوة إلى صياغة دستور بغير الطريقة التي أقرتها غالبية الشعب في الاستفتاء، كما نؤكد على ضرورة أن يلتزم الجميع بالسلوك الحضاري و الأسلوب السلمي الذي ميز الثورة المصرية، وألا يشوه ذلك بممارسات كتعمد قطع الطريق، أو توجيه الاهانات، والاعتداءات ضد شخصيات أو تيارات من جانب بعض النشطاء، ونذكر بأن القوة الأخلاقية للتظاهر السلمي، والاحتجاج بأسلوب حضاري هو الذي منح ثورة مصر سمعتها العالمية، و مكنها من إنجاز ما حققته للآن

الاثنين، 4 يوليو 2011

كيف يكون الفقراء أولا؟

أصبح إذن شعارا جاذبا جديدا تلتف حوله وتنبه عليه جميع الأحزاب، والائتلافات ، والشخصيات. فهو بمضمونه الأخلاقي كاف لكي يعيد للحركات الثورية كثيرا من الصورة المثالية لنضالها ، وتعيده لخانة الأهداف الكبرى بعد أن تقزم بفعل الانشغال بقضايا تكتيكية من نوعية الدستور أولا، وهو بمضمونه الاجتماعي بدا و كأنه كاف لكي يعيد جماهير الشعب للالتفاف حول النخب "الثورية" بعد أن بدأت قطاعات عريضة تنفض من حولهم بسبب من حالة الاحباط من الخلافات المتزايدة التي تشتعل بعضا من جرائقها هنا وهناك، واستمرار التأثير السلبي للتوتر السياسي على الاقتصاد و انعكاس ذلك على الطبقات الأقل دخلا ، والأقل بالتالي ادخارا يمكنهم من مواجهة هكذا ظرف، خاصة بعد أن بدـت مطالبات المتظاهرين في كل جمعة تبتعد أكثر و أكثر عن المطالب التي تلمس مباشرة حياة هؤلاء، لكنه ككل شعار مثله يتسم باتساع شديد، وصياغة فضفاضة لا يجد الكل -على تناقضاتهم- صعوبة في تبنيه، بينما لا يبدو أنه يعني الشيء نفسه عند الجميع، لذلك فيجب أن يكون السؤال: كيف يكون الفقراء أولا؟ وليس هل يجب أن يكون الفقراء أولا؟... لا يكون الفقراء أولا بالمعنى الصحيح إذا كانوا في نظر أي قوة سياسية مجرد قطاع ضخم من البشر تسعى لكي يصطفوا من خلفها في تظاهرة مليونية، أو مجرد عدد كبير من الناخبين يكون كل الهم موجها للفوز بأصواتهم الانتخابية كما لو كانوا غنيمة المعركة السياسية. لا يكون الفقراء أولا بالمعنى الصحيح إذا كانت السياسة التي تدعي ذلك تهدف لأن يظل الفقراء يحملون هذه الصفة إلى الأبد واعدة إياهم فقط بنسخة معدلة من الفقر، من خلال إعانات، وزيادة دعم ، و تحسينات جزئية لنظامي التعليم و الصحة تبقى بعدها نفس المسافة الواسعة في مستوى الخدمة المجانية التي يتلقاها الفقراء، وتلك الخاصة التي يدفع ثمنها القادرون، و لا يكون الفقراء أولا إذا كانت السياسة التي تدعي ذلك تنظر إليهم باعتبارهم أرحام تدفع ، وأفواه تبلع. فالفقراء ليسوا مجرد حشد من الجياع، و العراة، والمشردين، و إن كانت الحاجات الاساسية هذه من الحتمي توفيرها حتى يتمع الإنسان بآدميته، لكن الاكتفاء بإشباعها فحسب لا يصنع إلا إنسان الحد الأدنى ، فانسان الحضارة المعاصرة لا يكون كذلك من غير أن تتوافر له حياة كريمة في مسكن لائق، وبيئة صحية، و أن ينخرط أبناؤه في نظام تعليم متقدم يشكل و عيهم، و شخصيتهم، ويأهلهم بالكفاءات اللازمة لسوق العمل، وأن يكون مواطنا منتجا و فعالا في مجتمعه ، وأن يعامل بما يليق للإنسان من الاحترام والكرامة في الأماكن الحكومية ، ومن قبل ممثلي الأمن و الجيش و البيروقراطية، و أن يتوفر له نظام صحي فعال يحصل فيه على الخدمة العلاجية المناسبة، بأمان و كرامة ، و أن يتمتع بحرياته الانسانية ، وكافة حقوقه السياسية ، وأن يحترم رأيه كما عبر عنه في صندوق الاقتراع من غير تزوير أو محاولة التفاف عليه، وإذا كان الفقير لا ينتبه وهو عاجز عن توفير الحاجات الأساسية لأهمية هذه الحاجات الأخرى، يصبح من أولويات القوى السياسية تنبيهه إليها من غير أن تتخلى عنه في نضاله من أجل ضمان هذه الحقوق الأولية. بكلام آخر لكي يكون الفقراء أولا يجب أن نسعى لتصميم برامج فاعلى تهدف لتمكين أكبر عدد ممكن من المواطنين من الخروج من دائرته الجهنمية، من خلال برنامج لضمان الحقوق الاجتماعية الاساسية جنبا إلى جنب مع الجقوق السياسية والقانونية لكل المواطنين، و من خلال زيادة قدرات الفقراء و معاونتهم على تغيير أحوالهم و الانتقال من الجانب السفلي من خط الفقر إلى الجانب الأعلى منه، و بعض من هذه الأهداف يمكن للمجتمع المدني الأهلي المشاركة فيها، والبعض الآخر لا يمكن له أن يتحقق بغير تخطيط حكومي.

الأحد، 26 يونيو 2011

نظرة نقدية لنظام الانتخابات المقترح

أهداف تصميم النظام الانتخابي:

1- ضمان قيام برلمان ذي صفة تمثيلية واسعة (سياسية ، جغرافية ، إجتماعية ..الخ)

2- التأكد من أن فهم نظام الانتخابات في متناول الناخب العادي

3- تشجيع التوافق بين أحزاب متقاربة.

4- تشجيع قيام حكومة مستقرة وفعالة

5- بلورة معارضة برلمانية

6- مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية

الأنظمة الانتخابية المقترحة:

1- نظام فردي :مزاياه: سهولة فهمه بالنسبة للناخب.

عيوبه: لا يضمن صفة تمثيلية واسعة لا من الناحية السياسية أو الاجتماعية

لا يبلور معارضة برلمانية قوية من خلال تشتيت النواب، و وصول عدد كبير من النواب ليس لديهم مشروع سياسي واضح

2- نظام قائمة نسبية مغلقة: مزاياه:

o سهولته النسبية

          • ضمان تقوية الكيانات الحزبية
          • يشجع الائتلاف بين الأحزاب
          • يبلور معارضة قوية

عيوبه:

o يفرض خيارات الأحزاب على الناخب الذي يميل لقائمة بعينها لكنه يرفض أحد مرشحيها، أو يريد التصويت لبعض من هم خارجها فلا يستطيع

o لا يمنح الفرصة لوجود سياسيين مستقليين قد يمتلكون حلولا مكغايرة للمطروح أو أفكارا توفيقية بعكس الأحزاب التي قد تغلب اعتبارات الأيدلوجيا على تحديد برامجها.

3- نظام قائمة نسبية مفتوحة: مزاياه:

o بالإضافة لنظام القائمة المغلقة فهو يسمح للناخب باستبعاد المرشح الذي لا يريده، أو إدخال مرشح يريده من قائمة أخرى (يصمم الناخب بنفسه قائمته)

عيوبه:

o صعوبة تطبيقه من الناخب خاصة في حالة مصر (50% عمال و فلاحين)

o لا يزال يستبعد تماما المستقليين.

4- نظام مختلط : يحاول الجمع بين مزايا كلا من نظام القائمة مع السماح للسياسيين المستقلين بأن تكون لهم فرصة مناسبة

النظام المقترح حتى الآن كما أعلن عنه نظام ينحاز للترشح الفردي حيث يقسم المقاعد بنسبة الثلث للقوائم و الثلثين للفردي، وهذا يعني و كأنه أعطى كوته للأحزاب في برلمان يغلب عليه الطابع الفردي في حين أن الأصل في فكرة النظام المختلط منح كوته للأفراد الذين لديهم رؤى مميزة تختلف عن برامج مختلف الأحزاب القائمة و من الطبيعي قلة عدد هؤلاء.. كذلك عندما يكون لحزب ما هيمنة كبيرة على الشارع فيتم استخدام النظام الفردي لإيجاد تمثيل أوسع لأن الاكتفاء بالقوائم سيؤدي لسيطرة الحزب على البرلمان بالكامل من خلال اكتساحه الشامل لباقي القوائم (50% فردي و 50% قوائم في جنوب افريقيا بعد نهاية النظام العنصري مع شرط حصول القائمة على 1% للتمثيل لمقاومة الشعبة الساحقة لحزب مانديلا -المؤتمر الشعبي-)